أساسيات في علم الفلك

جذبت الأجرام السماوية الإنسان منذ قديم العصور، فأثارت فضوله وحاك حولها الكثير من القصص والأساطير، وبدأ معها برصد حركة الأجسام وإستنتاج الكثير من ذلك، فتجد إشارات عدة لعلم الفلك في أقدم ما يوجد لدينا في التاريخ البشري المدون، فالحضارات الإنسانية القديمة تعاملت مع علم الفلك بشكل أو بآخر، فمثلا كان القدماء يخلطون بين التنجيم وعلم الفلك، فكانوا يطلقون على الأجرام الفلكية أسماء آلهة وأرواح، ويربطون الأجرام السماوية وحركتها بظواهر طبيعية مثل الأمطار والفصول وغيرها. ويوجد لدى عدد من الحضارات القديمة مثل بابل في العراق والفراعنة في مصر والمايا في المكسيك والحضارة الإغريقية في اليونان إسهامات كثيرة في علم الفلك رغم خلطهم له بشكل كبير مع التنجيم وغيره. وتجدر الإشارة إلى أنه حوالي 70% من أسماء النجوم المشاهدة بالعين المجردة (حوالي 5000 نجم) تملك أسماء عربية حتى لو كتبت بلغة أخرى، وأيضا يعتبر الإغريق أول من وضع أسماء الكوكبات (أو المجموعات النجمية) Constellations.

لن أتحدث كثيرا عن تاريخ علم الفلك، كونه يحتاج لتدوينات منفصلة لطول الموضوع، ولكن سأوضح في هذه التدوينة بعض الأمور الأساسية في علم الفلك، مثل ما هو علم الفلك وبم يختلف عن علوم الفضاء؟ وما هي الكواكب والنجوم والمجرات؟ وكيف تتحرك الأجرام ظاهريًا عند رصدها من الأرض؟ وكما تعرف، فإن علم الفلك أو غيره من العلوم لا يمكن إختصاره في مقالة واحدة، لكن سأحاول في هذه التدوينة توضيح المفاهيم الأساسية في هذا العلم، وسأحاول في وقت لاحق الكتابة عن مواضيع محددة في علم الفلك بشكل مستقل.

ما هو علم الفلك وماذا يدرس؟

علم الفلك Astronomy هو دراسة الأجرام السماوية المختلفة، مثل الكواكب، والنجوم، والمجرات، والسدم وغيرها (سيتم إيضاح بعض منها لاحقا)، من حيث تركيبها وتحركاتها، ويرتبط علم الفلك بعلوم أخرى كثيرة مثل علم الكونيات Cosmology، وعلوم الفضاء Space Science والفيزياء Physics وغيرها.

لا يمكن وضع فاصل محدد واضح بين تخصص وآخر خاصة مع تقاربهما، ولذلك يختلط على الكثيرين علوم الفضاء وعلم الفلك، والفرق بشكل مختصر هو أن علوم الفضاء تهتم بدراسة أمور أخرى ذات علاقة بالفضاء، مثل تصميم المركبات الفضائية، والملاحة الفضائية، والطب الفضائي وغيرها، بينما يركز علم الفلك على دراسة الأجرام السماوية ورصدها، بعبارة أخرى يهتم علم الفلك بدراسة الأجرام السماوية من على سطح الأرض، بينما يهتم علم الفضاء بالتقنيات والعلوم التي تساعد في استكشاف الفضاء الخارجي (كل ما هو خارج الغلاف الجوي للأرض)، فمثلا تحديد أوقات الخسوف والكسوف يعتبر من اختصاصات علم الفلك، بينما بناء نظام الملاحة الخاص بمركبة فضائية يقع تحت اختصاصات علوم الفضاء.

الأجرام السماوية

الأجرام السماوية يقصد بها كل الأجسام الكبيرة التي تدور في الكون الفسيح، ويمكن تقسيم الأجرام السماوية حسب صفاتها وتركيبها الفيزيائي إلى عدة أقسام أهمها: الكواكب Planets، النجوم Stars، المجرات Galaxies، السدم Nebulae، المذنبات Comets، الكويكبات Asteroids، الأقمار أو التوابع  Moons or Satellites، الثقوب السوداء Black holes.

النجوم هي أجرام تتكون بشكل أساسي من الغازات (الهيدروجين في الأغلب) يكون بداخلها تفاعلات نووية (إندماج هيدروجيني) ولها كتلة كبيرة جدا، أقرب نجم للأرض هي الشمس التي تمد الأرض بالطاقة وتقع على بعد 149 مليون كم أو وحدة فلكية واحدة (في المعدل لأن المسافة  بين الأرض والشمس ليست ثابتة). وأقرب نجم للشمس هو نجم القنطور ويقع على مسافة 4.2 سنة ضوئية! والسنة الضوئية المسافة التي يقطعها الضوء في سنة، علمًا بأن سرعة الضوء حوالي 300 ألف كم في الثانية! وعليك الحساب! لذلك لا تستغرب إذا سمعت مصطلح أرقام فلكية. وتختلف أشكال النجوم بإختلاف أنواعها وإختلاف عمرها، فيوجد الحمراء العملاقة Red Giant، والأقزام البيضاء White Dwarf، والأقزام الصفراء (مثل شمسنا)، والمستعر الأعظم Supernova وغيرها. ويمر النجم خلال فترة حياته بعدة حالات بحسب كتلته، فنجمنا الشمس الآن عبارة عن قزم أصفر، وعمرها الحالي حوالي 4.57 مليار سنة أي حوالي ثلث عمر الكون (عمر الكون 13.7 مليار سنة)، ويتم تحديد عمر النجوم بطريقة التأريخ النووي للكون Nucleocosmochronology، وذلك بقياس الإشعاع الصادر منها.

مقارنة بين حجم الشمس الآن، وبعد أكثر من 5 مليار سنة
مقارنة بين حجم الشمس الآن، وبعد أكثر من 5 مليار سنة

بدأت الشمس بالتكون من سحابة غازية عملاقة تتكون بشكل أساسي من غازي الهيدروجين H والهيليوم He (أول عنصرين في الجدول الدوري للعناصر)، وتعتبر الشمس الآن في منتصف حياتها تقريبا كنجم في النسق الأساسي Main Sequence من نوع قزم أصفر، وستستمر على ذلك حتى تستهلك الهيدروجين الموجود فيها والذي يشكل حوالي 73% من كتلتها في الوقت الحالي، حيث ستبدأ بعد 5.4 مليار سنة بالتحول إلى عملاق أحمر Red Giant حيث سيتضخم حجمها إلى أكثر من 200 ضعف الحجم الحالي! مما يعني أنها ستبتلع الأرض! مع فقدانها لأكثر من ثلث الكتلة بعد تحولها إلى طاقة (وفقًا لمعادلة E = MC²)! وستبدأ بالتقلص للتحول إلى قزم أبيض White Dwarf. بعض النجوم ذات الكتلة الأكبر من الشمس تنفجر في نهاية حياتها متحولة إلى ما يسمى مستعر أعظم Supernova.

الكواكب هي أجرام لا يحدث فيها تفاعلات نووية بشكل طبيعي كما في النجوم، وتدور حول النجوم ضمن مسارات معينة، وأصل تسميتها في الإنجليزية Planet يعود للمصطلح الإغريقي Aster Planet أي النجوم المتجولة، كونها تتحرك من مكانها نسبيا ضمن خريطة القبة السماوية، ويمكن تقسيم أنواع الكواكب إلى قسمين رئيسيين: كواكب غازية (مثل المشتري وزحل ونيبتون) ذات كثافة منخفضة، وكواكب صخرية (مثل الأرض والزهرة والمريخ) ذات كثافة عالية، وغالبا ما تقع الكواكب الصخرية في المسارات الأقرب من النجم (أو النجوم) الذي تدور حوله، وتقع الكواكب الغازية في المسارات الأبعد عنها. في مجموعتنا الشمسية 8 كواكب وهي على الترتيب من الأقرب للشمس إلى الأبعد: عطارد Mercury، الزهرة Venus، الأرض Earth، المريخ Mars، المشتري Jupiter، زحل Saturn، أورانوس Uranus، نيبتون Neptune.

التوابع أو الأقمار هي أجرام مشابهة للكواكب وغالبا ذات حجم أصغر، ولكنها لا تدور حول النجم مباشرة، بل تدور حول كوكب معين كتابع له، والذي بدوره يدور حول نجم، يمكن أن يكون للكوكب تابع واحد كما في الأرض (وهو القمر) أو أكثر كما في المشتري (أكثر من 67 قمرًا!) أو بلا توابع مثل كوكب الزهرة وعطارد.

النظام الكوكبي Planetary System هي مجموعة الأجرام (الكواكب والتوابع وغيرها) التي تدور حول نجم معين (أو أكثر)، ويسمى نظامنا الكوكبي بالنظام الشمسي Solar System. يجدر الذكر أنه توجد عدد من الأنظمة الكوكبية التي تحتوي على نجمين يدورا حول بعضهما البعض، ويدور حول هذين النجمين مجموعة من الكواكب.

كواكب النظام الشمسي مرتبة حسب البعد
كواكب النظام الشمسي مرتبة حسب البعد

السدم ومفردها سديم Nebula، وهو جرم سماوي له شكل غير متسق يتكون بشكل أساسي من الغبار الكوني والهيدروجين والهيليوم، وتبدأ السدم بالتكون بتأثير الجاذبية نتيجة تجمع الغبار الكوني وبعض العناصر الأخرى، وكثير من السدم تتكون بعد إنفجار النجوم المستعرة Supernovae، وللسدم أشكال جميلة ومبهرة، ويمكن رصد الكثير منها من الأرض بالتلسكوبات أو بالعين المجردة. ومن أشهر السدم القريبة من الأرض: سديم الجبار Orion، سديم السرطان Crab، سديم النسر Eagle.

سديم الجبار
من تصويري: سديم الجبار Orion

المجرات هي نظام كوني يتكون من تجمع عدد كبير جدا من النجوم والأنظمة الكوكبية والغازات والغبار الكوني بين هذه النجوم والأنظمة الكوكبية، وترتبط فيم بينها بفعل قوى الجاذبية.

تقدر عدد المجرات في الكون المشاهد Observable Universe بحوالي تيرليون مجرة، وتحتوي المجرات بدورها على مليارات النجوم. تسمى مجرتنا المحلية التي يوجد فيها نظامنا الشمسي بمجرة درب التبانة Milky Way، وتحتوي على حوالي 200 مليار نجم ويبلغ عرضها حوالي 100 ألف سنة ضوئية، وسمكها حوالي ألف سنة ضوئية! وتتجمع المجرات مع بعضها مكونة ما يسمى بالعنقود المجري Galactic Cluster التي بدورها تشكل مجمل الكون. يوجد العديد من الأشكال للمجرات، فبعضها يأخذ الشكل الحلزوني مثل مجرتنا، وبعضها إهليجي، والبعض الآخر لا تأخذ شكل منتظم. أيضًا تختلف المجرات بأحجامها، فهناك المجرات القزمة التي تحتوي على بعض الملايين من النجوم، إلى عملاقة بملايين التيريليونات من النجوم! يوجد بالقرب من مجرتنا عدد من المجرات، أشهرها سحابة ماجلان الكبرى، وسحابة ماجلان الصغرى، ومجرة المرأة المسلسلة (أندروميدا Andromeda) التي تبعد حوالي مليوني سنة ضوئية. كما قد تتبع بعض المجرات القزمة المجرات الأكبر منها وذلك بدورانها حولها (تماما كما في الكواكب التي تدور حول النجوم).

مجرة أندروميدا Andromeda
مجرة أندروميدا Andromeda

فيم سبق ذكرت أهم الأجرام السماوية، وقد أتطرق في موضوع لاحق عن بعض الأجرام بالتفصيل أو الأجرام الأخرى مثل الثقوب السوداء والمذنبات والنيازك وغيرها.

الرصد الفلكي

تطورت طرق رصد الأجرام السماوية من مجرد النظر إليها بالعين المجردة، إلى ظهور التلسكوبات وتطورها مع الزمن، وأيضًا بإستخدام وسائل أخرى مثل موجات الراديو الطويلة، والأشعة تحت الحمراء، فضلا عن إستخدام الحسابات الفلكية بشكل مكثف بدلا من مجرد رصد الضوء القادم من الأجرام. وتجدر الإشارة إلى أن الإنسان استخدم تقنية الرصد من خارج الأرض، مثل تلسكوب هابل الشهير والذي يقع على ارتفاع 559 كم من سطح البحر خارج الغلاف الجوي للأرض، أو بإرسال السوابر الفضائية إلى الفضاء الخارجي وتصوير بعض الأجرام السماوية عن قرب، والهدف من الرصد خارج الأرض هو تجنب الغلاف الجوي الذي يعتبر عائق كبير في وصول ضوء الأجرام السماوية إلى الأرض.

قبل أن تبدأ برصد الأجرام السماوية، يجب أن تستوعب مفهوم الحركة الظاهرية (الوهمية) للأجرام ومفهوم القبة السماوية Celestial Sphere

القبة السماوية
القبة السماوية

القبة السماوية باختصار هي كرة ظاهرية (وهمية) مركزها الأرض وقطرها كبير جدا (افترض أنه إلى مالا نهاية)، الهدف منها هو تسهيل الرصد الفلكي، تخيلها ككرة ضخمة تحتوي بداخلها كرة أخرى وهي الأرض، وعلى السطح الداخلي للكرة الأكبر ملصقة النجوم والأجرام السماوية. فالواقف على سطح الأرض يشاهد النجوم والمجرات والكواكب وغيرها كأنها ملصقة على القبة السماوية من الداخل. ويتغير الشكل الذي يراه الإنسان الواقف على سطح الأرض بحسب مكانه وبحسب الوقت من اليوم والسنة. أيضًا القبة السماوية تدور دورة كاملة في اليوم وذلك نتيجة لدوران الأرض حول نفسها، إضافة إلى تغير أماكن الأجرام بداخل القبة السماوية على مدار العام (وذلك لدوران الأرض حول الشمس على مدار العام). وبحسب مكان الراصد على الأرض ستدور القبة السماوية حول نقطة معينة، فالواقف في أقصى شمال الأرض أو أقصى جنوبها (على القطب)، سيرى القبة السماوية تدور حول نقطة تقع فوق رأسه تماما (السمت)، أما الواقف على خط الإستواء سيرى الأجرام السماوية تدور حول نقطة تقع على الأفق الشمالي أو الجنوبي، أما من يرصد من مكان بين القطب وخط الإستواء (مثلا على خط عرض 45) سيرى القبة السماوية تدور حول نقطة تقع على ارتفاع (90 – خط الطول الذي يقع عليه) فمثلا الموجود في السعودية لنقل على خط طول 22 سيرى الأجرام السماوية تدور حول نقطة في الشمال تقع على ارتفاع 68 درجة. وللتوضيح بشكل أكبر شاهد الفيديو التالي (مع الشكر والتحية والتقدير للإخوة في الإذاعة الفلكية العربية) .. يرجى ملاحظة وجود خطأ بسيط في شرح “خط الإستواء السماوي” في الفيديو

كما يوضح الفيديو أعلاه بعض المصطلحات، هذه بعض شرح لبعضها بشكل مختصر:

القطب الأرضي Earth’s Pole وهو النقطة الجغرافية التي تقع في أقصى شمال الأرض (القطب الشمالي) او أقصى جنوبها (القطب الجنوبي)، وتدور الأرض حول محورها مرتكزة (ظاهريًا) على نقطتي القطب.

القطب السماوي Celestial Pole وهي نقط توازي نظيرتها الأرضية وتقع على سطح القبة السماوية الظاهري، فالقطب الشمالي السماوي يوازي الأرضي، فالواقف على نقطة القطب الشمالي الأرضي سيرى أعلاه تماما (السمت) نقطة القطب الشمالي السماوي، وسيكون في أسفله تماما (النظير) نقطة القطب الجنوبي الأرضي والسماوي.

السمت Zenith وهي النقطة الظاهرية التي تقع فوق الراصد مباشرة على سطح القبة السماوية.

النظير Nadir وهي النقطة الظاهرية التي تقع تحت الراصد مباشرة على سطح القبة السماوية (من الجهة المقابلة).

خط الطول Longitude وهو الخط الواصل بين القطب الشمالي للأرض والقطب الجنوبي ويمر بنقطة الراصد على الأرض، وتقسم الأرض إلى 360 خط طول رئيسي، وخط الطول رقم صفر للأرض يمر بجرينيتش أحد ضواحي العاصمة البريطانية لندن، وترقم الخطوط من 0 إلى 180 (شرقًا أو غربًا) بحسب إتجاه الخط عن خط الطول الرئيسي 0.

خط العرض Latitude (أو دائرة العرض) هي مجموعة من الدوائر المتوازية بين قطبي الأرض، وعددها 180 دائرة، أكبرها دائرة خط الإستواء التي تقع على الدرجة 0، وترقم الدوائر الأخرى بحسب موقعها من خط الإستواء من 0 إلى 90 درجة (شمالا أو جنوبا).

خط الزوال Meridian وهو الخط الذي يصل نقطة القطب الشمالي السماوي بالقطب السماوي الجنوبي مرورا بالسمت والنظير، ومدام الراصد على نفس خط الطول في الأرض فلن يتغير خط الزوال، حيث أن خط الزوال السماوي يوازي خط الطول الأرضي، فهو يختلف بإختلاف مكان الراصد عن خط الطول.

خط الإستواء السماوي Celestial Equator وهو الخط الذي يصل الشرق بالغرب موازيا لخط الإستواء الأرضي. فالواقف على خط الإستواء الأرضي سيمر خط الإستواء السماوي بالسمت والنظير وأقصى الشرق والغرب، أما الواقف على نقطة القطب فسيكون خط الإستواء السماوي مطابقًا لخط الأفق. وهو كأنه خط ثابت لا يختلف باختلاف مكان الراصد، وتدور الأجسام السماوية ظاهريا أثناء اليوم في خطوط موازية لخط الإستواء السماوي.

خط الأفق Horizon وهي الدائرة التي تصل الشمال بالجنوب مرورا بالشرق والغرب بالنسبة لمكان الراصد، ومتعامد مع الخط الساقط بين السمت والنظير، ويختلف بإختلاف مكان الراصد في الأرض.

المدار الشمسي أو دائرة البروج Ecliptic هو الخط الوهمي الذي تسير عليه الشمس على مدار العام، وهو يكون زاوية 23 درجة ونصف تقريبا مع خط الإستواء السماوي نتيجة لإنحراف محور الأرض عن مدارها حول الشمس بحوالي 23 درجة ونصف، وتكون الشمس في يومي الإعتدال الربيعي والخريفي عند تقاطع مدار الشمس (البروج) مع خط الإستواء السماوي، وهو خط ثابت لا يختلف بإختلاف مكان الراصد في الأرض.

نتيجة لدوران الأرض حول نفسها فإن جميع الأجرام السماوية تدور بشكل يومي من الشرق إلى الغرب، وخلال الأيام تتحرك الأجسام بداخل القبة السماوية ظاهريا نتيجة لتحرك هذه الأجرام في الفلك وحركة الأرض حول الشمس على مدار العام. ويمكن تقسيم حركة الأجسام ضمن القبة السماوية كالتالي:

  1. أجرام يمكن ملاحظة حركتها خلال فترة طويلة جدا (مئات أو آلاف السنين): وهي النجوم والمجرات وغيرها، ولكما ابتعد الجرم عن الأرض أصبحت حركته الظاهرية في القبة السماوية غير ملاحظة، ولذلك يتم إهتمال هذا النوع من الحركة في الغالب. يشار إلى أنه نجم الجدي يسمى بالنجم القطبي الشمالي كونه يقع قريب جدا من نقطة القطب الشمالي، ولكن قبل آلاف السنين لم يكن نجم القطب الشمالي هو الجدي، وفي عام 14800 (بعد حوالي 12800 سنة) سيكون نجم القطب هو نجسم النسر الواقع Vega أحد أسطع نجوم السماء.
  2. الشمس: الشمس كما بينت سابقًا تتحرك ظاهريا على مدار العام في القبة السماوية على خط وهمي يسمى مدار الشمس أو دائرة البروج، وتعود لنفس المكان مرة أخرى بعد عام كامل. والأبراج “أو البروج” هي المجموعات النجمية “الكوكبات” التي تقع ضمن خط سير الشمس، فعندما يقال أننا الآن في برج الأسد، فهذا يعني أن الشمس تقع الآن ضمن كوكبة الأسد، فلو بطريقة ما أختفى نور الشمس، ستجدها بين نجوم كوكبة الأسد.
  3. كواكب المجموعة الشمسية: تتحرك كواكب المجموعة الشمسية في القبة السماوية بشكل أسرع من الشمس، وتتحرك بالقرب من مدار الشمس (حيث أن مسارات كواكب المجموعة الشمسية شبه متوازية)، لذلك خلال أيام أو أسابيع يمكنك ملاحظة تحرك كوكب معين (المشتري مثلا) بالنسبة لبقية الأجرام.
  4. القمر: القمر يتحرك بسرعة كبيرة جدا نسبيا في القبة السماوية، فكل يوم تجده في مكان آخر بشكل ملحوظ بالنسبة للنجوم والأجرام الأخرى في القبة السماوية، ويكمل القمر دورة كاملة كل شهر تقريبا. أيضًا يتحرك القمر بالقرب من مدار الشمس (البروج) وذلك لأن مدار القمر حول الأرض شبه موازي لمدار الأرض حول الشمس، ولو كان موازيا تماما لحصل كسوف وخسوف كل شهر.

إذا كنت تريد البدء في الرصد الفلكي، فأنصحك قبل شراء تلسكوب أو غيره، بمحاولة التعرف على النجوم والكواكب في السماء، يمكنك الذهاب إلى أي مكان مظلم (يفضل خارج المدينة حتى ترى عدد أكبر من الأجرام)، واستخدام بعض البرامج المجانية المساعدة في الجوالات الذكية، مثل برنامج Google Sky لمستخدمي Android وبرنامج Planets لمستخدمي iPhone، وهي برامج استخدامها بسيط جدا وستعرفك على عدد من أسماء النجوم والكواكب عندما توجهها إلى جرم معين، فقط جرب ذلك بنفسك ولن تخسر!

لا أريد الإطالة في الموضوع أكثر حتى لا يتشتت ذهن القارئ، ولكن سأحاول في وقت لاحق التحدث عن بعض الأمور ذات العلاقة بشكل تفصيلي، مثل منازل القمر والأهلة والإشكاليات حول رصد الأهلة، وبعض الظواهر الفلكية مثل الكسوف والخسوف، وأنواع التلسكوبات والمراصد، وأهم النجوم في السماء، وغيرها مما قد يقترح البعض في تويتر.

4 آراء على “أساسيات في علم الفلك”

  1. أود أن أشكرك على كتابة هذا المقال
    لأنه بصراحة جعلني مستمتعة ومستفيدة جدا بقراءته ، ولا تنسى أنه وبفضل التعاريف الموجودة فيه يجعلنا مدركين للأمور بشكل أوضح وأدق وأريد أن أقول تهانينا على اختيارك هذا العلم الثمين المولعة به.

اترك رداً على أحمد غالي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *